الرأي والتحليل

وهج الفكرة.. د . أنس الماحي يكتب: صفعة مدوية لإسرائيل وحاميتها أمريكا الاعتراف بدولة فلسطين

في لحظة تاريخية فارقة ، أعلنت بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال اعترافها الرسمي بدولة فلسطين لتلتحق بها فرنسا وعدد من الدول الأوروبية التي رفعت العلم الفلسطيني فوق مبانيها الرسمية، في مشهدٍ يختصر غضب العالم من غطرسة الاحتلال الإسرائيلي ومن يقف خلفه.
هذا الاعتراف لم يعد مجرد خطوة دبلوماسية بل تحوّل إلى صفعة مدوية لكل من تل أبيب وواشنطن حيث تُكشَف الأكاذيب التي رُوّجت لعقود عن “الديمقراطية الإسرائيلية” و”السلام الأمريكي” في الشرق الأوسط ،، خطوة المملكة المتحدة تحديدًا تحمل رمزية لاذعة؛ فبعد 75 عامًا على اعترافها بإسرائيل، تعود اليوم لتقرّ بالدولة الفلسطينية، وكأنها تقول كفى استهزاءً بالعالم.
انضمت كندا وأستراليا والبرتغال إلى هذا الموقف فيما أعلنت بلدية سان دوني في باريس رفع العلم الفلسطيني على مبناها، في تأكيد على أن أوروبا بدأت أخيرًا تُدرك أن الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم سوى لغة المقاطعة والضغط السياسي والاقتصادي.
هذه التحركات ، إذا رافقتها عقوبات صارمة ورسوم جمركية على المنتجات الإسرائيلية ستشكل بداية عزلة حقيقية لكيانٍ احترف الإفلات من المحاسبة ،، لكن وكما جرت العادة تقف الولايات المتحدة بالمرصاد. فقد استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) للمرة السادسة في مجلس الأمن لإسقاط مشروع قرار يطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، في وقت كان 14 عضوًا من أصل 15 مستعدين لدعم القرار.
هكذا ببساطة، تواصل الإدارة الأمريكية لعب دور “حامي الجزار” غير آبهةٍ بآلاف القتلى من المدنيين في استهتار سافر بكل القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية. فأي دولة تدّعي الديمقراطية بينما تحمي مجازر يومية بحق أطفال ونساء؟!
الولايات المتحدة، التي تحاول دائمًا التلويح بشعارات “حقوق الإنسان” و”السلام العالمي” تكشف يومًا بعد يوم حقيقتها القبيحة. إنها لا تدافع عن إسرائيل بوصفها “حليفًا استراتيجيًا” فحسب، بل كأنها تدافع عن ولاية أمريكية رقم 51.
فوجود إسرائيل، ومعها إيران في الجهة المقابلة ليس سوى فزاعتين تستخدمهما واشنطن لابتزاز الخليج العربي واستنزاف ثرواته، تحت ستار “حماية الشرق الأوسط” من أخطار وهمية، ولكن هل هذة الحماية قد نفعت قطر فى شئ ..؟
ما يحدث اليوم يفضح الأهداف الأمريكية بلا مواربة فإطالة أمد الحرب لضمان استمرار تدفق صفقات السلاح وابتزاز حلفائها في الخليج وحماية إسرائيل كأداة تخويف وابتزاز سياسي واقتصادي وإبقاء المنطقة في فوضى حتى تبقى واشنطن اللاعب الأوحد وصاحبة اليد العليا في النفط والغاز وممرات التجارة.
غير أن العالم بدأ يستفيق. لم تعد الدول الأوروبية الحليفة التقليدية لواشنطن، قادرة على التزام الصمت من لندن إلى باريس، ومن أوتاوا إلى كانبيرا، تتسع دائرة الاعتراف بفلسطين، مصحوبة بدعوات إلى فرض عقوبات على وزراء التطرف في حكومة نتانياهو، وفرض رسوم جمركية على المنتجات الإسرائيلية وهي خطوات حقيقية لكسر الحصانة الوهمية التي وفرتها الولايات المتحدة لتل أبيب على مدى عقود.
إسرائيل، التي اعتادت أن تتصرف ككيان فوق القانون، تواجه اليوم عزلة دولية غير مسبوقة ،، صور المجازر في غزة والضفة الغربية واستهداف المدنيين والمصلين عرّت زيف أخلاق الجيش الإسرائيلي الذي روّجت له الدعاية الغربية حتى شركاء أمريكا في أوروبا باتوا يصرخون : كفى.
إن الاعتراف المتزايد بفلسطين لا يمثل مجرد موقف تضامني، بل إعلان واضح أن زمن الصمت انتهى وأن العالم لم يعد يقبل أن يُفرض عليه واقع الدولة الإسرائيلية المدللة التي تقتل وتدمّر وتنهب بلا حساب.
وإذا أرادت واشنطن الاستمرار في دورها كحامية للجرائم، فإنها هي من تضع نفسها في موقع المحرّض الأول على الإرهاب، الداعم الأول للفوضى، والمغذي الأبرز لدوامة الدم التي تحصد أرواح الأبرياء يومًا بعد يوم.
واليوم أمام هذا التحول العالمي يبدو أن إسرائيل وأمريكا تعيشان لحظة انكشاف كامل، لم تعد الحيل القديمة تنطلي على أحد، فكل فيتو أمريكي جديد يضيف طبقة من العار السياسي والأخلاقي ويقرّب ساعة الحقيقة فلسطين ستُنتزع انتزاعًا مهما طال الزمن، وإسرائيل لن تبقى إلى الأبد فوق القانون، هذا إن بقيت اسرائيل نفسها ككيان مغتصب للأرض.

هشام احمد المصطفي(ابوهيام ) رئيس التحرير

من أبرز المنصات الإلكترونية المخصصة لنقل الأخبار وتقديم المحتوى الإعلامي المتنوع والشامل. تهدف هذه المنصة إلى توفير الأخبار الدقيقة والموثوقة للقراء في جميع أنحاء العالم العربي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والأساليب المبتكرة في عرض الأخبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى